Karam Shaar Advisory LTD

مقابلة: صفوت رسلان، المدير العام لصندوق التنمية السوري

المحور الأول: الرؤية والاستراتيجية العامة

س: بعد إطلاق صندوق التنمية، ما الرؤية الاستراتيجية التي تبلورت لديكم؟ وكيف تتجاوز هذه الرؤية مجرد إعادة بناء البنية التحتية نحو تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة؟

بداية الصندوق أطلق رسميا في 4 سبتمبر بمعنى أنه تجاوز الشهر ببضع أيام و ليس أشهر، وكما نعلم جميعاً أن مثل هذه المؤسسات تأخذ مدد لا تقل عن 6 أشهر في الإعداد والتحضير والحوكمة وسواها، بما معناه أننا في بداية الطريق ولكن رؤية الصندوق تتجاوز مجرد إعادة بناء البنية التحتية لتشمل التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة.

الصندوق يعمل على خلق نموذج متكامل يشمل: تحسين البنية التحتية الأساسية بلا شك، ولكن سيقوم بدعم المشاريع التنموية المتعددة لتحفيز الاقتصاد المحلي وخلق فرص عمل وتعزيز القطاعات الاجتماعية مثل التعليم والصحة لضمان تنمية بشرية مستدامة وإدماج المجتمعات المحلية في المشاريع.

س: وصفت الصندوق بأنه “أداة تمويل لإعادة الإعمار”. ما الأدوات المالية المبتكرة التي سيستخدمها الصندوق لتحفيز الاقتصاد وخلق فرص العمل؟

الصندوق لا يقتصر على التمويل التقليدي، فإضافة إلى المنح التي سيقدمها الصندوق لبعض القطاعات، سيستخدم أدوات مثل القرض الحسن لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، كما سيعقد شراكات مع صناديق إقليمية لتوفير برامج تمويلية ميسرة للشركات والمبادرات الصغيرة، والهدف هو تحفيز النشاط الاقتصادي وخلق فرص عمل، وليس مجرد الإنفاق على البنية التحتية.

س: كيف ستُحقَّق عملية التكامل بين الصندوق وبقية المبادرات التنموية، سواء الحكومية أو المدنية أو حملات التبرع المحلية (كحملتي حلب وحمص مثلاً)، لضمان توحيد الجهود وتجنّب التشتت؟

نقوم الآن ببحث آليات تنسيق مع الوزارات والمجالس المحلية لضمان توحيد الجهود والربط مع المبادرات الأهلية وحملات التبرع المحلية، ونبحث آلية اعتماد قاعدة بيانات موحدة للمشاريع والمستفيدين لتسهيل التنسيق وتحديد الأولويات. وقد وقعنا أول اتفاقية استراتيجية مع منظمة من منظمات المجتمع المدني لتوحيد الجهود وتحقيق تكامل في بعض القطاعات المهمة للطرفين.

المحور الثاني: الشفافية والحوكمة وتضارب المصالح

س: أكدتم مراراً أن الصندوق “سيكون رمزاً للشفافية”. ما الآليات الملموسة التي وُضعت لضمان ذلك؟ وهل ستُنشر تقارير دورية مفصلة ومعلنة عن المشاريع وتكاليفها والمستفيدين منها؟

نحن بدأنا بالفعل وكانت البداية منذ أول يوم في احتفالية إطلاق الصندوق، حيث راعينا أعلى معايير الشفافية بالإفصاح عن ماهية التبرعات، وفصلنا بين التعهدات والتبرعات انطلاقاً من الشفافية التي وعدنا بها ولكن هذا بكل تأكيد ليس كل شيئ فنحن نتعهد بـ:

  • نشر تقارير مالية دورية عن كل المشاريع، تشمل التكاليف والمستفيدين.
  • منصة إلكترونية تعرض المشاريع قيد التنفيذ والتمويل المتاح والمستخدم.
  • إمكانية التدقيق من قبل هيئات رقابية مستقلة لضمان النزاهة
س: تُثار مخاوف من أن ارتباط الصندوق مباشرة برئاسة الجمهورية قد يحدّ من الرقابة المستقلة. ما الضمانات لاستقلال قرارات الصندوق؟ وما آليات الرقابة الداخلية والخارجية لمنع تضارب المصالح؟ وهل ستُنشر هذه المعايير للعلن؟

أنشئ الصندوق بمرسوم رئاسي لكنه كيان يتمتع بالاستقلال المالي والإداري، ولديه مجلس إدارة مستقل، ورقابة داخلية تقوم بمراجعة الحسابات وإعداد التقارير المرحلية، مع وجود تعاون مع مؤسسات وهيئات رقابية خارجية مستقلة لضمان النزاهة، مع حرصنا على نشر معايير الرقابة على الموقع الرسمي لضمان الشفافية.

وننوه إلى وجود تبويبة على الموقع الإلكتروني للصندوق مخصصة لنشر التقارير السنوية، توضح موارد الصندوق ومجالات الإنفاق الرئيسية والعقود المبرمة، إضافة سيتم تخصيص قناة للإبلاغ عن جميع المخالفات المتعلقة بأنشطته ونطاق عمله، وذلك عبر قنوات سرية موثوقة تضع حماية المشتكي الداخلي والخارجي كأولوية لضمان مشاركة رقابية فاعلة في جميع مراحل العمل.

س: أثير جدل حول مشاركة بعض الأفراد ورجال الأعمال—الذين يُنظر إليهم على أنهم مقرّبون من النظام السابق، كعائلة حمشو—في حملة التبرع الأولى. كيف يتعامل الصندوق مع هذه الحساسية؟ وما المعايير المعتمدة للتحقق من سلامة مصادر التمويل؟

حرصنا منذ انطلاقتنا على توثيق جميع التبرعات و التعهدات وإعلان الجهات المانحة و المتعهدة بالتبرع بشكل شفاف لتفادي شبهات، ونحن الآن وفي معرض أتمتة عملنا الداخلي نبحث عن أفضل التطبيقات والأدوات التي تضمن تدقيق العمليات انطلاقاً من KYC ومبادئ ال AML المعمول بها في كل المؤسسات السورية وحتى الدولية، وسنقوم بتطبيق معايير دقيقة لتدقيق مصادر التمويل، والالتزام بعدم قبول التمويل غير القانوني.

المحور الثالث: التمويل والإدارة المالية

س: ما خطتكم لتحقيق الاستدامة المالية للصندوق على المدى الطويل بعيداً عن الاعتماد الكامل على التبرعات؟

من خلال:

  •  تطوير استثمارات تنموية للصندوق في مشاريع لها استدامة مالية لضمان مصدر دخل مستمر على سبيل المثال تعاونيات زراعية.
  • تنويع مصادر التمويل، بما في ذلك الشراكات مع المانحين والممولين الدوليين.
  • إنشاء صناديق صغيرة لدعم المشاريع التنموية المحلية بشكل مستدام.
س: ذكرتم وجود “صعوبات في تحويل الأموال من الخارج”. ما طبيعة هذه الصعوبات؟

الصعوبات بسبب تأخر البنوك الدولية في تطبيق قرارات رفع العقوبات الذي صدر عن المجتمع الدولي، وتعقيدات القنوات المصرفية الحالية المتعلقة بالشأن السوري، لكننا نحاول إيجاد حلول مبتكرة حتى وإن كانت مؤقتة، مثل التحويلات عبر منصات موثوقة لتسهيل التبرعات من السوريين في الشتات، ونتواصل حالياً مع عدة دول لفتح حسابات فيها ونجحنا بفتح حساب في دولة قطر لكن حتى الآن استخدامات هذا الحساب فقط للتبرعات من المؤسسات الاعتبارية.

س: ما النسبة الحالية بين المبالغ المتعهد بها وتلك التي جرى تحصيلها فعلياً؟

نعمل حالياً على متابعة التعهدات وتحويلها إلى أموال فعلية في الحسابات من خلال فرق متخصصة لتسريع عمليات التحويل ومراقبة الالتزام المالي للمانحين، وقمنا بتحديث منصتنا منذ أيام لتعكس الأرقام الحقيقة للجمهور حول نسبة المبالغ المحصلة مقارنة بالمتعهد بها وهي متوفرة الآن على موقع الصندوق، ونقوم بإجراء المزيد من التحديثات على الموقع وسيتم إطلاق موقعنا بحلة جديدة خلال مدة أقصاها شهرين.

المحور الرابع: المشاريع والأولويات

س: ذكرتم أن الأولوية القصوى هي “إنهاء واقع المخيمات”. ما خطة العمل لتحقيق هذا الهدف الإنساني والتنموي الطموح؟ وهل هناك جدول زمني واضح للمرحلة الأولى؟

نواصل التعاون مع وزارة الإسكان وباقي الجهات لتنفيذ خطة مرحلية تشمل بناء وحدات سكنية، وذلك يعتمد بالدرجة الأولى على التمويل المقدم من الجهات المانحة، ونقوم حالياً وبحسب المبالغ المتاحة بإعداد خطط تمويل وتخصيص، مع التركيز على خدمات المياه والكهرباء والتعليم والصحة داخل المناطق المدمرة وترميم المساكن المدمرة بشكل جزئي، وسنقوم بإعداد جدول زمني محدد للمراحل الأولى، مع تقارير مرحلية لمتابعة الإنجاز.

س: على أي أساس تُحدَّد أولويات المشاريع؟

يتم تحديد أولويات المشاريع بناء على دراسات ميدانية لاحتياجات المناطق الأكثر تضرراً والتي أعدتها عدة فرق ومنظمات، وسنقوم بإشراك المجتمعات المحلية والخبراء المستقلين لتحديد أولويات واضحة مع اعتماد معايير شفافة لتوزيع الموارد بشكل عادل تعتمد على نسب متعددة مثل نسبة الضرر وعدد السكان والإلحاح الموسمي والعدالة الجغرافية.

س: تبلغ كلفة إعادة الإعمار أكثر من مئة مليار دولار. كيف يمكن للصندوق أن يُحدث فرقاً فعلياً في ظل أن قيمة التبرعات لا تتجاوز 64 مليون دولار حسب تصريحكم السابق؟

رغم محدودية التبرعات مقارنة بإجمالي كلفة الإعمار، يسعى الصندوق إلى:

  • استثمار الموارد بشكل استراتيجي لتحقيق أعلى أثر ممكن.
  • إطلاق مشاريع تجريبية قابلة للتوسع لجذب شراكات إضافية.
  • استقطاب تمويل دولي مكمّل للموارد المحلية.

المحور الخامس: الشراكات الدولية والاندماج الإقليمي

س: هل يقبل الصندوق منحاً مالية مقدَّمة من الأمم المتحدة أو هيئاتها التابعة؟ وإذا كان الجواب نعم، فهل توجد آليات تواصل مع هذه الجهات؟

الصندوق يقبل المنح من الأمم المتحدة والوكالات التابعة لها ضمن شروط الشفافية والمتابعة والحفاظ على القرار الوطني، ونعمل الآن – بعد أن أنهينا تقريباً السياسات الداخلية الخاصة بعمل الصندوق- على إيجاد قنوات وطرق تواصل رسمية مع الجهات المانحة، من خلال التنسيق مع الزملاء في وزارة الخارجية السورية، لإيجاد آلية تواصل واضحة لتسهيل تقديم المشاريع للجهات المانحة الدولية.

س: كيف يخطط الصندوق لبناء شراكات مع المؤسسات المالية الدولية مثل الصناديق العربية والبنك الإسلامي للتنمية وصندوق النقد العربي وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي وغيرها؟

ضمن السياسات الداخلية للصندوق، أعددنا سياسة شراكات خاصة بالتواصل والشراكة مع الجهات المانحة سواء العربية والإسلامية وغيرها، لتوفير دعم مالي واستشاري. إضافة إلى تطوير مشاريع مشتركة تتوافق مع معايير التمويل الدولي وتحقق أهداف التنمية المستدامة في سوريا.

س: كيف سيوازن الصندوق بين الاعتماد على التمويل المحلي من السوريين والتعاون مع الشركاء الخارجيين دون المساس باستقلال القرار الوطني؟

تعتبر استقلالية القرار الوطني أولوية بالنسبة لعمل الصندوق، ويحاول تحقيق ذلك عبر اعتماد آليات داخلية تحمي الصندوق وسوريا من أي ضغوطات خارجية، ونحاول جاهدين الاعتماد على التمويل الداخلي كأساس، مع استخدام التمويل الخارجي لتعزيز لدعم القدرات المالية والفنية دون التأثير على السياسات أو اتخاذ القرارات الوطنية.





    العربيةالانكليزية

     
    Scroll to Top

    subscribe to Newsletter





      العربيةالانكليزية