الهيكل الاقتصادي السوري بعد الحرب: المركزية، الصناديق، والإصلاح
بعد انهيار نظام الأسد في 8 كانون الأول 2024، دخلت البلاد مرحلة سريعة من إعادة الهيكلة المؤسسية والاقتصادية. وخلال أقل من عام، أصدرت السلطات الجديدة سلسلة من المراسيم غيّرت جذرياً الحوكمة الاقتصادية للدولة: أُنشئ “المجلس الأعلى للتنمية الاقتصادية” للإشراف على التوجه الاستراتيجي للاقتصاد؛ وأُحدث صندوقان وطنيان لتوجيه الاستثمار وتمويل إعادة الإعمار؛ وأُعيدت هيكلة “هيئة الاستثمار السورية” لتصبح تحت الإشراف المباشر لرئيس الجمهورية. ودُعمت هذه التحولات المؤسسية بتعديلات على قانون الاستثمار لعام 2021، وسّعت حقوق المستثمرين وأعادت تشكيل منظومة الحوافز.
المؤسسات الاقتصادية بعد نظام الأسد وفقاً للمصادر الرسمية |
||
| الاسم | الدور | التمويل |
| المجلس الأعلى للتنمية الاقتصادية | تحقيق الاستقرار الاقتصادي، وضع خارطة طريق شاملة للاقتصاد الوطني، إقرار الاستراتيجيات العامة المتعلقة بالاستثمار، والإشراف على الصندوق السيادي وصندوق التنمية وهيئة الاستثمار. | لم يُذكر صراحة، لكن بصفته السلطة العليا يُرجّح أنه يشرف على إدارة تخصيص الأموال العامة. |
| هيئة الاستثمار السورية | منح تراخيص الاستثمار، تقديم الخدمات للمستثمرين، إعداد خريطة استثمارية، الترويج للاستثمار في سوريا، وتحسين بيئة الاستثمار. | لم يُذكر صراحة، ويُرجّح تمويلها من الموازنة العامة |
| الصندوق السيادي السوري | “تنفيذ مشاريع إنتاجية وتنموية مباشرة، واستثمار أمثل للموارد البشرية والمادية والخبرات الفنية من جميع الاختصاصات، وتحفيز الاقتصاد الوطني من خلال استثمارات مدروسة ومتنوعة، وتحويل الأصول الحكومية غير النشطة إلى أدوات إنتاج وتنمية.” (المرسوم 113 لعام 2025) | المخصصات والأموال التي ترصدها الدولة، وموارد ناتجة عن أنشطة الصندوق، وقيمة الأصول الثابتة والاستثمارات، والمساعدات والمنح والتبرعات. |
| صندوق التنمية السوري | إعادة بناء البنية التحتية الأساسية (الطرق والجسور، شبكات المياه والكهرباء، المرافق العامة)، تحفيز الاقتصاد (تمويل مشاريع تنموية تخلق فرص عمل جديدة)، والتنمية المستدامة (التركيز على الجوانب التي تؤثر مباشرة في حياة المواطنين). | مساهمات السوريين في الداخل والخارج، والتبرعات والمنح الخارجية، وآليات مبتكرة مثل القروض من دون فائدة. |
| المصدر: المراسيم الرئاسية 112 و113 و114 و115 لعام 2025. تم جمع البيانات بواسطة شركة كرم شعار للاستشارات المحدودة. | ||
مؤسستان أعيدت هيكلتهما
أُنشئ المجلس الأعلى للتنمية الاقتصادية بموجب المرسوم الرئاسي رقم 114 لعام 2025 المعدِّل لبعض مواد القانون 18 لعام 2021، ليحل محل “المجلس الأعلى للاستثمار” (الوارد في القانون ذاته) كأعلى هيئة تقوم برسم السياسات الاقتصادية في البلاد. يرأس المجلس رئيس الجمهورية، ولدى المجلس صلاحيات واسعة في السيطرة على الاستراتيجية الاستثمارية والإشراف على هيئة الاستثمار السورية والموافقة على المشاريع والأنظمة الأساسية. إلا أن تشكيلته ما تزال غير واضحة؛ فمرسومان متتاليان (114 و115 لعام 2025) يذكران أعضاء مختلفين في مجلس إدارة الهيئة، ما يثير الغموض حول أيهما يسود. إذ أغفل المرسوم 114 وزير المالية، ورئيسي الصندوقين السيادي والتنمية، فيما أدرجهما المرسوم 115. ويُرجّح أن المرسوم الأخير قد ألغى الأول، إذ ظهر وزير المالية يسر برنية في الاجتماع الأول للمجلس الأعلى في 8 تشرين الأول 2025 إلى جانب الوزراء الآخرين. وعليه، يثير هذا التناقض تساؤلات حول صياغة وإصدار التشريعات الرئاسية.
أُضيف أيضاً وزيرا الطاقة والاتصالات، ورئيس الهيئة العامة للمعابر البرية والبحرية، وهي جهة اكتسبت نفوذاً غير متوقع في الأشهر الأخيرة. كما يدعم ثلاثة خبراء يُعيّنهم الرئيس—خبير قانوني واثنان اقتصاديان—صلاحيات المجلس التنفيذية. ورغم أن هذا الهيكل المبسّط يسرّع عملية اتخاذ القرار، فإنه يحدّ من المشاركة المؤسسية الأوسع ويثير مخاوف بشأن الشفافية والشمول واستقلالية الحوكمة الاقتصادية في مرحلة ما بعد النزاع.
مقارنة بين تشكيلة المجلس الأعلى للاستثمار والمجلس الأعلى للتنمية الاقتصادية |
|||
| الجهة | وجودها في المجلس السابق (المجلس الأعلى للاستثمار) | وجودها في المجلس الجديد (المجلس الأعلى للتنمية الاقتصادية) وفقاً للمرسوم الرئاسي رقم 114 لعام 2025 (منشور في الجريدة الرسمية) | وجودها في المجلس الجديد (المجلس الأعلى للتنمية الاقتصادية) وفقاً للمرسوم الرئاسي رقم 115 لعام 2025 (غير منشور في الجريدة الرسمية) |
| وزير الاقتصاد والصناعة** | ✓ (عضو) | ✓ (عضو) | ✓ (عضو) |
| وزير الزراعة والإصلاح الزراعي | ✓ (عضو) | ✓ (عضو) | ✓ (عضو) |
| وزير السياحة | ✓ (عضو) | ✓ (عضو) | ✓ (عضو) |
| وزير الإدارة المحلية والبيئة | ✓ (عضو) | ✓ (عضو) | ✓ (عضو) |
| وزير الأشغال العامة والإسكان | ✓ (عضو) | ✓ (عضو) | ✓ (عضو) |
| المدير العام لهيئة الاستثمار السورية | ✓ (عضو ومقرر) | ✓ (عضو) | ✓ (عضو) |
| خبير اقتصادي #1 | ✓ (عضو) | ✓ (عضو) | ✓ (عضو) |
| خبير قانوني | ✓ (عضو) | ✓ (عضو) | ✓ (عضو) |
| رئيس الجمهورية أو من يفوضه | ✗ | ✓ (رئيس) | ✓ (رئيس، دون الإشارة إلى التفويض) |
| وزير الطاقة | ✗ | ✓ (عضو) | ✓ (عضو) |
| وزير الاتصالات وتقانة المعلومات | ✗ | ✓ (عضو) | ✓ (عضو) |
| رئيس الهيئة العامة للمعابر البرية والبحرية | ✗ | ✓ (عضو) | ✓ (عضو) |
| خبير اقتصادي #2 | ✗ | ✓ (عضو) | ✓ (عضو) |
| وزير المالية | ✓ (عضو) | ✗ | ✓ (عضو) |
| المدير العام للصندوق السيادي | ✗ | ✗ | ✓ (عضو) |
| المدير العام لصندوق التنمية | ✗ | ✗ | ✓ (عضو) |
| نائب رئيس المجلس الأعلى | ✗ | ✗ | ✓ (نائب ورئيس بالوكالة) |
| رئيس مجلس الوزراء*** | ✓ (رئيس) | ✗ | ✗ |
| نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية | ✓ (عضو) | ✗ | ✗ |
| وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك* | ✓ (عضو) | ✗ | ✗ |
| وزير الصناعة* | ✓ (عضو) | ✗ | ✗ |
| وزير الشؤون الاجتماعية والعمل | ✓ (عضو) | ✗ | ✗ |
| وزير الدولة لشؤون الاستثمار | ✓ (عضو | ✗ | ✗ |
| رئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي | ✓ (عضو) | ✗ | ✗ |
| حاكم مصرف سورية المركزي | ✓ (عضو) | ✗ | ✗ |
| * تم دمجها ضمن وزارة الاقتصاد والصناعة. | |||
| ** كانت تُعرف في المجلس السابق باسم وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية. | |||
| *** تم إلغاء هذا المنصب | |||
| المصدر: قانون الاستثمار رقم 18 لعام 2021؛ المرسومان الرئاسيان 114 و115 لعام 2025.
إعداد: شركة كرم شعار للاستشارات المحدودة. |
|||
أُعيدت هيكلة هيئة الاستثمار السورية بموجب المرسوم الرئاسي 114 لعام 2025 المعدِّل لبعض مواد القانون 18 لعام 2021 لتصبح هيئة شبه مستقلة خاضعة مباشرة للمجلس الأعلى. لم تعد خاضعة لوزير الاقتصاد، وأصبح نطاق عملها أضيق وتقنياً بشكل أكبر، لكن تحت إشراف سياسي أكثر إحكاماً. خُفّض عدد أعضاء مجلس إدارتها من أحد عشر إلى سبعة، بعد إقصاء وزارات كانت محورية في السياسة الاستثمارية—الاقتصاد والمالية والشؤون الاجتماعية—إضافة إلى غرف التجارة والصناعة. وحلّت محلها هيئات مثل هيئة التخطيط والإحصاء، وهيئة الرقابة المالية المركزية، وهيئة التعاون الدولي، رغم غموض صلاحياتها في حوكمة الاستثمار.
ينص المرسوم 114 لعام 2025 على أن رئيس الجمهورية يعيّن جميع أعضاء مجلس الإدارة، بمن فيهم ممثلو القطاع المدني. ويُلاحظ أن المدير العام طلال محمد الهلالي، المُعيّن بموجب المرسوم الرئاسي 118 لعام 2025، لم يعد خاضعاً لمساءلة المجلس، ما أضعف آليات الضبط الداخلي. وبينما تواصل الهيئة مسؤولياتها في الترخيص والمتابعة والامتثال وخدمات المستثمرين، فإن هيكلها الجديد واستبعاد التمثيل الواسع لأصحاب المصلحة يعكسان تركيزاً واضحاً للسلطة في يد الرئيس.
أعضاء مجلس إدارة هيئة الاستثمار السورية |
||
| الجهة | وجودها في مجلس الإدارة السابق (قانون الاستثمار رقم 18 لعام 2021) | وجودها في مجلس الإدارة الحالي (المرسوم الرئاسي رقم 114 لعام 2025) |
| المدير العام لهيئة الاستثمار السورية | ✓ (عضو) | المدير العام لهيئة الاستثمار السورية ✓ (رئيس) |
| نائب وزير الاقتصاد والصناعة | ✗ | ✓ (نائب وعضو) |
| ممثل عن الهيئة المركزية للرقابة المالية | ✗ | ✓ (عضو) |
| ممثل عن هيئة التخطيط والإحصاء | ✗ | ✓ (عضو) |
| ممثل عن هيئة التعاون الدولي | ✗ | ✓ (عضو) |
| ممثل عن المستثمرين #1 | ✗ | ✓ (عضو) |
| ممثل عن المستثمرين #2 | ✗ | ✓ (عضو) |
| وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية | ✓ (رئيس) | ✗ |
| ممثل عن وزارة المالية | ✓ (عضو) | ✗ |
| ممثل عن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل | ✓ (عضو) | ✗ |
| ممثل عن وزارة الدولة لشؤون الاستثمار | ✓ (عضو) | ✗ |
| ممثل عن هيئة التخطيط والتعاون الدولي | ✓ (عضو) | ✗ |
| ممثل عن اتحاد غرف التجارة | ✓ (عضو) | ✗ |
| ممثل عن اتحاد غرف الصناعة | ✓ (عضو) | ✗ |
| ممثل عن اتحاد غرف الزراعة | ✓ (عضو) | ✗ |
| ممثل عن اتحاد غرف السياحة | ✓ (عضو) | ✗ |
| خبير قانوني | ✓ (عضو) | ✗ |
| المصدر: قانون الاستثمار رقم 18 لعام 2021 (المادة 12)؛ المرسوم الرئاسي رقم 114 لعام 2025 المادة (5
إعداد: شركة كرم شعار للاستشارات المحدودة. |
||
وبالإضافة إلى إنشاء المجلس الأعلى وإعادة هيكلة هيئة الاستثمار، يرسّخ المرسوم 114 لعام 2025 النظام الاقتصادي الجديد من خلال تعديل قانون الاستثمار 18 لعام 2021. إذ أصبح القانون يشمل ليس فقط المشاريع الجديدة بل أيضاً إعادة تأهيل القاعدة الصناعية المعطّلة، مع إدخال حماية أقوى لحقوق الملكية عبر الرقابة القضائية والتعويض بالقيمة السوقية.
صُمِّمت هذه الإصلاحات لجذب رأس المال الأجنبي، فرفعت القيود عن تحويل رواتب المغتربين، وسمحت بالتحكيم الدولي في النزاعات مع الدولة، وقلّصت الزمن اللازم للترخيص عبر مراكز خدمة موحدة أكثر فاعلية. وتستهدف هذه التدابير بشكل مباشر مخاوف المستثمرين بشأن أمن الأصول والبيروقراطية المرهقة.
صندوقان جديدان
في إطار إعادة هيكلة المؤسسات الاقتصادية، أُطلقت في عام 2025 مؤسستان ماليتان جديدتان: صندوق التنمية السوري (المرسوم 112 لعام 2025) والصندوق السيادي السوري (المرسوم 113 لعام 2025). وُضع كلاهما تحت الإشراف الرئاسي المباشر، مما زاد من مركزية صنع القرار الاقتصادي.
أُنشئ صندوق التنمية السوري في دمشق في أيلول 2025 بوصفه أداة لإعادة الإعمار ذات طابع شعبي. ووفقاً للمواد 2 و7 و8 من المرسوم 112 لعام 2025، يرتبط الصندوق إدارياً برئاسة الجمهورية، ويُعيَّن مجلس إدارته ومديره العام بمرسوم رئاسي، ما يضعه تحت إشراف مباشر من دون أي إشارة إلى رقابة وزارية أو برلمانية.
تتألف قاعدته الرأسمالية من مساهمات طوعية من السوريين في الداخل والخارج، إلى جانب تبرعات ومنح أخرى. وتتمثل مهمته في “الإسهام في إعادة الإعمار؛ وإعادة تأهيل البنى التحتية والخدمات والمرافق العامة التي تدعم حياة المواطنين اليومية، مثل الطرق والجسور وشبكات المياه والكهرباء والمطارات والموانئ والاتصالات وغيرها.” وعُيّن مديره العام محمد صفوت عبد الحميد رسلان بموجب المرسوم 117 لعام 2025 (انظر مقابلة هذا العدد معه).
في المقابل، يعد الصندوق السيادي السوري الذراع الاستثمارية للدولة. ويموَّل من المخصصات الحكومية وعوائد الأصول والإيرادات الناتجة عن نشاطه الخاص، وتتمثل مهمته في “تنفيذ مشاريع تنموية وإنتاجية؛ واستثمار الموارد البشرية والمادية والفنية على النحو الأمثل؛ وتحفيز الاقتصاد الوطني من خلال استثمارات مدروسة ومتنوعة؛ وتحويل الأصول الحكومية غير النشطة إلى أدوات إنتاج وتنمية.” وتشير بعض المصادر إلى أن أصولاً صودرت من مقربين من نظام الأسد السابق ستستخدم لتمويل الصندوق، غير أن الحكومة لم تؤكد ذلك.
يتكوّن مجلس إدارته من خبراء تُعيّنهم رئاسة الجمهورية ، وتُحدَّد آليات رقابته من خلال تقارير فصلية وتدقيق خارجي كما ورد في المواد 2 و4 و7 و8 من المرسوم 113 لعام 2025. ويُفترض أن يُعزّز الصندوق المصداقية، إلا أن تبعيته المباشرة للرئاسة، وإعفائه من الرقابة الوزارية أو التشريعية، وغياب التقارير المالية العامة المفروضة قانوناً، تترك فجوات كبيرة في الشفافية والمساءلة—خصوصاً أن هذه الأصول أُنشئت بأموال عامة. وحتى نهاية أيلول 2025، لم يُعيّن بعد مدير عام للصندوق.
نظرة مستقبلية
تقوم البنية الاقتصادية السورية بعد الحرب على نموذج متكامل عموديًا: توضع الاستراتيجية في المجلس الأعلى، ويُنفَّذ العمل عبر هيئة استثمار مبسطة، وتُموَّل المشاريع من خلال صندوق سيادي وآخر للتنمية. ورغم أن هذا النموذج يعد بالمرونة وتحسين التنسيق، فإنه ينطوي على مخاطر كبيرة.
أولاً، يعزز المحسوبية. فمع تركّز القرار في الرئاسة، وتشكّل مجالس الإدارة من مُعيّنين رئاسيين فقط، لا يوجد ما يمنع توجيه المشاريع والاستثمارات إلى المقرّبين، خاصة في ظل غياب المناقصات أو غموض إجراءاتها. فعلى سبيل المثال، أثارت بعض مذكرات التفاهم الممنوحة لشركات محلية ودولية مؤخراً تساؤلات حول المنافسة العادلة؛ إذ خضعت علاقة “هيئة تحرير الشام” بعائلة الخياط لتدقيق، كما لفت الانتباه منح مشروعين بقيمة 2.5 مليار دولار لشركة سورية مقرها إيطاليا لا تضم سوى موظف واحد.
كذلك، يهدد غياب الرقابة العامة بتهميش الفاعلين المحليين والقطاع الخاص. فاستبعاد اتحادات الأعمال والنقابات المهنية والأصوات الوزارية من هيئات اتخاذ القرار قد يسرّع الموافقات لكنه يأتي على حساب الشفافية والمساءلة. وقد تجلى هذا التوتر فعلاً باستقالة جماعية لتسعة من أعضاء المكتب التنفيذي لغرفة صناعة حلب احتجاجاً على “التهميش المتعمد” وتجاهل الحكومة لمطالبهم. في الوقت نفسه، انتقد رجال أعمال سوريون السلطات لاستبعاد المستثمرين المحليين لصالح صفقات ذات دوافع سياسية مع شركات أجنبية.
في النهاية، تضرب هذه المخاطر في صميم قدرة نموذج اعادة الإعمار السوري على جذب رأس المال أو عودته إلى أنماط الريع القديمة. فبالنسبة للمستثمرين، تعتمد مصداقية بنود التحكيم وضمانات الملكية على بيئة الحوكمة أكثر من نصوص القانون. أما بالنسبة للمواطنين، فإن وعود إعادة الإعمار ترتبط ليس فقط بسرعة التنفيذ بل أيضاً بتوزع المنافع بشكل عادل. لذا فإن نجاح الإصلاحات الاقتصادية بعد الحرب سيعتمد في جوهره على ما إذا كانت الحوكمة الجديدة قادرة على إلهام الثقة لدى المستثمرين والمانحين والسكان على حد سواء.